ثم هدى كل دابة إلى استعمال ما يصلحها، وما هو أمسّ بحاجتها، بما خلق فيها من الميول والإلهامات، لتحصيل ما لها من مقاصد وغايات.
(٣)(وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) أي والذي أنبت النبات جميعه، لترعاه الدوابّ والنّعم، فما من نبت إلا وهو يصلح أن يكون مرعى لحيوان من الأجناس الحيّة.
(فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) أي فجعل هذا المرعى بعد أن كان أخضر هشيما باليا كالغثاء يميل لونه إلى السواد، فهو القادر على إنبات العشب، وعلى تبديل حاله، لا الأصنام التي عبدها الكفرة الفجرة.
وقصارى ما سلف- إنا مأمورون أن نعرف الله جل شأنه بأنه القادر العالم الحكيم الذي شهدت بصفاته آثاره فى خلقه، وألا ندخل فى هذه الصفات ما لا يليق به، كما أدخل الملحدون الذين اتخذوا من دونه شركاء، أو وصفوه بما به يشبه خلقه.
وإنما توجه إلينا الأمر بتسبيح الاسم دون تسبيح الذات، ليرشدنا إلى أن مبلغ جهدنا أن نعرف الصفات بما يدل عليها، أما الذات فهى أعلى وأرفع من أن تتوجه إليها عقولنا إلا بما نلحظ من هذه الصفات بما يدل عليها.