للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الجحود لم يكن بضائر للنبى صلى الله عليه وسلم ولا لدعوته فقد قبلها واهتدى بها كثير من اليهود ومن غيرهم.

وحين نبذوه اشتغلوا بصناعات وأعمال صادّة عن الأديان من صنع شياطين الإنس والجن، فاشتغلوا بالسحر والشعوذة والطّلّسمات التي نسبوها إلى سليمان وزعموا أن ملكه كان قائما عليها.

وهذه أباطيل منهم وسوسوا بها إلى بعض المسلمين فصدقوهم فيما زعموا منها، وكذبوهم فيما رموا به سليمان من الكفر، ولا يزال حال الدجالين من المسلمين إلى اليوم يتلون العزائم ويخطون خطوطا ويعملون طلسمات يسمونها خاتم سليمان، وعهودا يزعمون أنها تحفظ من يحملها من اعتداء الجن ومسّ العفاريت.

وإنما قصّ القرآن علينا هذا القصص للذكرى، وليبين لنا ما افتراه أهل الأهواء على سليمان من أمر السحر فكان صادا عن العمل بالدين وأحكامه لدى اليهود، ومن ثم لم يهتدوا بالنبي الذي بشر به كتابهم.

[الإيضاح]

(وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي إنه حين جاء النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب مصدّق للتوراة التي بين أيديهم بما فيه من أصول التوحيد، وقواعد التشريع، وروائع الحكم والمواعظ، وأخبار الأمم الغابرة- نبذ فريق من اليهود كتابهم وهو التوراة، لأنهم حين كفروا بالرسول المصدّق لما معهم فقد نبذوا التوراة التي فيها أن محمدا رسول الله، وأهملوها إهمالا تاما كأنهم لا يعلمون أنها من عند الله.

وقد جعل تركهم إياها وإنكارهم لها إلقاء لها وراء الظهر، لأن من يلقى الشيء وراء ظهره لا يراه فلا يتذكره.

(وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) أي واتبع فريق من أحبار اليهود

<<  <  ج: ص:  >  >>