الأعراب: سكان البادية، آمنّا: أي صدقنا بما جئت به من الشرائع، وامتثلنا ما أمرنا به، فالإيمان هو التصديق بالقلب. أسلمنا: أي انقدنا لك، ودخلنا فى السّلم وهو ضد الحرب: أي فلسنا حربا للمؤمنين، ولا عونا للمشركين، لا يلتكم: أي لا ينقصكم، يقال: لاته يليته إذا نقصه، حكى الأصمعى عن أم هشام السلولية «الحمد لله الذي لا يفات ولا يلات ولا تصمّه الأصوات» يمنون عليك: أي يذكرون ذلك ذكر من اصطنع لك صنيعة، وأسدى إليك نعمة.
[المعنى الجملي]
بعد أن حثّ الناس على التقوى- وبّخ من فى إيمانه ضعف من الأعراب الذين أظهروا الإسلام وقلوبهم وغلة، لأنهم كانوا يريدون المغانم وعرض الدنيا، إذ جاءوا فى سنة مجدبة، وكانوا يقولون لرسوله صلّى الله عليه وسلم: جئناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، يريدون بذكر ذلك الصدقة والمنّ على النبي صلّى الله عليه وسلم، فأطلع الله نبيه على مكنون ضمائرهم، وأنهم لم يؤمنوا إيمانا حقيقيا، وهو الذي وافق القلب فيه اللسان، وأمرهم أن يقولوا: استسلمنا وخضعنا، ثم أخبرهم بأنهم إن اتقوا الله حق تقاته وفّاهم أجورهم كاملة غير منقوصة، ثم بين أن من علامة الإيمان الكامل التضحية بالنفس والمال فى سبيل الله ببذلهما فى تقوية دعائم الدين وإعلاء شأنه وخضد شوكة العدو بكل السبل الممكنة، ثم أعقب هذا بأن الله يعلم ما هم عليه من إيمان ضعيف