وأيا كان فالتفاضل فى هذا من الرجم بالغيب، إذ لا يعلم إلا بنص مع أنه ليس له فائدة فى إيمان ولا عملَ مَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً)
. أي ومن يترفع عن عبادته تعالى أنفة وكبرا فيرى أنه لا يليق به ذلك فسيجزيه أشد الجزاء، إذ يحشر الناس جميعا للجزاء، المستنكفين منهم والمستكبرين مع غيرهم فى صعيد واحد كما ورد فى الحديث ثم يحاسبهم ويجزيهم على أعمالهم.
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) أي فهؤلاء الذين عملوا الصالحات سيعطيهم أجورهم وافية كاملة على إيمانهم وعملهم الصالح بحسب سنته سبحانه فى ترتيب الجزاء على مقدار تأثير الإيمان والعمل الصالح فى النفس وتزكيتها وطهارتها من أدران الشرور والآثام.
(وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً) أي فهؤلاء يعذبون عذابا مؤلما يستحقونه بحسب سنته أيضا، لكن لا يزيدهم على ما يستحقون شيئا لأن رحمته سبقت غضبه، فهو يجازى المحسن على إحسانه بالعدل والفضل، ويجازى المسيء على إساءته بالعدل.
(وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) أي ولا يجدون لهم من غير الله تعالى وليا يلى أمورهم ويدبر مصالحهم، ولا نصيرا ينصرهم من بأسه ويرفع عنهم العذاب، إذ لا عاصم اليوم من أمر الله «يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ» .