للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ) أي وقالوا قلوبنا مغطاة بأغشية خلقية مانعة من تفهم ما جئت به، ونحو هذا قولهم: (وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) القائلون هم الذين كانوا منهم عصر التنزيل.

ثم رد عليهم وكذبهم فيما زعموا فقال:

(بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ) أي ليس الأمر كما يدّعون، بل قلوبهم خلقت مستعدة بحسب الفطرة للنظر الذي يوصل إلى الحق، لكن الله أبعدهم من رحمته بسبب كفرهم بالأنبياء السابقين، وبالكتاب الذي تركوا العمل به وحرفوه اتباعا لأهوائهم.

وقد ذكر اللعن وعلته جريا على سنة الله في ربط المسببات بأسبابها، وبيان أن الله لم يظلمهم بهذا، بل هم ظلموا أنفسهم بالتمادى في الكفر والعصيان.

ثم ذكر ما هو كالنتيجة لما سبق فقال:

(فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ) أي فهم يؤمنون إيمانا قليلا، وهو إيمانهم ببعض الكتاب وتحريف بعضه الآخر أو ترك العمل به، والذي آمنوا به كان قولا باللسان تكذبه الأعمال إذ لم يكن للإيمان سلطان على قلوبهم، فيكون هو المحرّك لإرادتهم، وإنما يحركها الهوى والشهوة، ويصرفها عامل اللذة.

وقد يكون المعنى كما قال ابن جرير: إنه لا يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به إلا القليل منهم، فالمخالفة لم تغمر كل الشعب، بل غمرت الأكثر منهم ونجا نفر قليل.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ٨٩ الى ٩١]

وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (٨٩) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩١)

<<  <  ج: ص:  >  >>