للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا) أي يا أيها الذين صدقوا الله وصدقوا رسوله واتبعوا الأوامر وتركوا النواهي، إذا سرتم للغزو وجهاد الأعداء رفعة لدينه وإعلاء لكلمته، تأنوا فى قتل من اشتبه عليكم أمره فلم تعلموا أمسلم هو أم كافر؟ ولا تعجلوا فى قتل أحد إلا إذا علمتم يقينا أنه حرب لكم ولله والرسول (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي ولا تقولوا لمن انقاد لكم واستسلم ولم يقاتلكم وأظهر أنه من أهل ملتكم- إنك لست بمؤمن حقا فتقتلوه ابتغاء متاع الدنيا وحطامها الزائل السريع التحول والانتقال، فعند الله أرزاق كثيرة ونعم لا تحصى ولا تعد، يغنّمكموها فيغنيكم إذا شاء.

(كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) أي إنكم أول ما دخلتم فى الإسلام حقنت دماؤكم وأموالكم بالنطق بكلمة الشهادة من غير انتظار لمعرفة أن ما فى القلب موافق لما فى اللسان، ومنّ الله عليكم بذلك، فعليكم أن تعملوا مع الداخلين فى الإسلام كما عمل معكم وأن تعتبروا بظاهر القول ولا تقولوا إن إقدامهم على التكلم بهذه الكلمة إنما كان لأجل الخوف من السيف.

(فَتَبَيَّنُوا) أي فكونوا على بينة من الأمر الذي تقدمون عليه ولا تأخذوا بالظن، بل تدبروا ليظهر لكم أن الإيمان العاصم من حقن الدماء يكفى فيه ظاهر الحال كما كفى معكم من قبل.

وفى إعادة التبيين مرة أخرى المبالغة فى التحذير من ذلك الفعل والوعيد عليه.

(إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) أي إنه تعالى خبير بأعمالكم لا يخفى عليه شىء من البواعث التي حفزتكم على الفعل، فإن كانت ابتغاء حظ الحياة الدنيا فهو يجازيكم على ذلك فلا تفعلوا بل تثبتوا وتبينوا، وإن كان محض الدفاع عن الحق فهو مثيبكم على ذلك.

وفى هذا وعيد وتحذير شديد من الوقوع فى مثل هذا الخطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>