للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أمره ينتقم من أعدائه لأوليائه، وبرزوا: أي خرجوا من قبورهم، مقرّنين أي مشدودين، فى الأصفاد: أي فى القيود واحدها صفد، سرابيلهم، واحدها سربال:

وهو القميص، والقطران: دهن يتحلّب من شجر الأبهل والعرعر والتوت كالزفت تدهن به الإبل إذا جربت. ويقال له الهناء، وهو أسود اللون منتن الريح تقول هنأت البعير أهنؤه إذا طليته بالهناء، وتغشى وجوههم النار: أي تعلوها وتحيط بها، بلاغ:

كفاية فى العظة والتذكير.

[المعنى الجملي]

بعد أن ذكر عز اسمه أن جزاء من بدّلوا نعمة الله كفرا وجعلوا له الأنداد جهنم يصلونها وبئس المهاد، وطلب إلى عباده المؤمنين مجاهدة النفس والهوى وإقامة فرائض الدين- ذكر هنا تسلية لرسوله وتهديدا للظالمين من أهل مكة أن تأخيرهم وتمتعهم بالحظوظ الدنيوية ليس إعمال للعقوبة ولا لغفلة عن حالهم، وإنما كان لحكمة اقتضت ذلك وهم مرصدون ليوم شديد الهول، له من الأوصاف ما بيّن بعد، وعليك أيها الرسول أن تنذر الناس بقرب حلوله، وأنهم فى ذلك اليوم سيطلبون المردّ إلى الدنيا ليجيبوا دعوة الداعي، وهيهات هيهات.

صاح هل ريت أو سمعت براع ... ردّ فى الصّرع ما قرى فى الحلاب

وقد كان لكم معتبر فى تلك المساكن التي تسكنونها، فإنها كانت لقوم أمثالكم كفروا بأنعم الله، فأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

ألا إن وعد الله لرسله لا يحلف، وهو ناصرهم وخاذل أعدائه، كما قال: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا» وقال: «كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي» ومحاسبهم فى يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات. يوم يخرجون من قبورهم للحساب أمام الواحد القهار، وترى حال المجرمين يجلّ عن الوصف.

<<  <  ج: ص:  >  >>