للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موسى، يسعى: أي فى مكايدته. فحشر: أي فجمع السحرة الذين فى بلاده، والنكال:

العذاب، والآخرة: يوم القيامة، والأولى: الدنيا.

[المعنى الجملي]

بعد أن حكى عن كفار مكة إصرارهم على إنكارهم البعث وتماديهم فى العتو والطغيان واستهزاءهم بالرسول صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك يشق عليه، ويصعب على نفسه، ذكر له قصص موسى مع فرعون طاغية مصر، وبين له أنه قد بلغ فى الجبروت حدّا لم يبلغه قومك، فقد ادعى الألوهية وألبّ قومه على موسى، وكان موسى مع هذا كله يحتمل المشاق العظام فى دعوته إلى الإيمان- ليكون ذلك تسلية لرسوله عما لاقيه من قومه من شديد العناد وعظيم الإعراض، يرشد إلى ذلك قوله: «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ» .

وفى ذلك عبرة أخرى لقومه- وهى أن فرعون مع أنه كان أقوى منهم شكيمة أشد شوكة وأعظم سلطانا، لما تمرد على موسى وعصا أمر ربه أخذه الله نكال لآخرة والأولى، ولم يعجزه أن يهلكه ويجعله لمن خلفه آية، فأنتم أيها القوم مهما عظمت حالكم وقوى سلطانكم لم تبلغوا مبلغ فرعون، فأخذكم أهون على الله منه.

وفى هذا تهديد لهم وإنذار بأنهم إن لم يؤمنوا بالله ورسوله، فسيصيبهم مثل ما أصاب فرعون وقومه كما قال فى آية أخرى: «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ. إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ، قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>