العمد: واحدها عماد، وهو ما يعمد به أي يسند به، تقول: عمدت الحائط إذا دعمته، رواسى: أي جبالا ثوابت، تميد: أي تضطرب، والبثّ: الإثارة والتفريق كما قال: «كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ» والمراد الإيجاد والإظهار: وزوج: أي صنف، كريم:
أي شريف كثير المنفعة.
[المعنى الجملي]
بعد أن أبان فيما سلف كمال قدرته وعلمه وإتقان عمله- أردف ذلك الاستشهاد لما سلف بخلق السموات والأرض وما بعده، مع تقرير وحدانيته، وإبطال أمر الشرك، وتبكيت أهله.
[الإيضاح]
(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) أي ومن الأدلة على قدرته البالغة، وحكمته الظاهرة أن خلق السموات السبع بغير عمد تستند إليه، بل هى قائمة بقدرة الحكيم الفعال لما يشاء، وقد تقدم تفصيل ذلك فى سورة الرعد.
(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) أي وجعل على ظهر الأرض ثوابت الجبال، لئلا تضطرب بكم، وتميد بالمياه المحيطة بها، الغامرة لأكثرها.
(وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) أي وذرأ فيها من أصناف الحيوان ما لا يعلم عددها ومقادير أشكالها وألوانها إلا الذي فطرها.
(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) أي وأنزلنا من السماء مطرا فكان ذلك سببا لإنبات كلّ صنف كريم من النبات ذى المنافع الكثيرة.
ثم بكتهم بأن هذه الأشياء العظيمة مما خلقه الله وأنشأه، فأرونى ماذا خلقته آلهتكم حتى استوجبوا عندكم العبادة فقال:
(هذا خَلْقُ اللَّهِ) أي هذا الذي تشاهدونه من السموات والأرض وما فيهما من الخلق- خلق الله وحده دون أن يكون له شريك فى ذلك.