للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) أي ليس الأمر كما زعموا، بل جميع ما في السموات والأرض ملك له قانت لعزته، خاضع لسلطانه، منقاد لإرادته، فما وجه مخصيص واحد منهم بالانتساب إليه وجعله ولدا مجانسا له: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) .

نعم إن الله يختص من يشاء من عباده بما شاء من الفضل كالأنبياء صلوات الله عليهم ولكن هذا لا يرتقى بالمخلوق إلى أن يصل إلى مرتبة الخالق.

(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي موجدهما اختراعا وابتكارا لا على مثال سابق، وإذا كان هو المبدع لهما والموجد لجميع من فيهما فكيف يصح أن ينسب إليه شىء منهما على أنه مجانس له، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.

(وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي وإذا أراد إحداث أمر وإيجاده فإنما يأمره أن يكون موجودا فيكون، والكلام تمثيل وتشبيه لتعلق إرادته بإيجاد الشيء فيعقبه وجوده، بأمر يصدر فيعقبه الامتثال.

والإيجاد والتكوين من أسرار الألوهية عبر عنهما بما يقربهما من الفهم وهو أن يقول للشىء كن فيكون.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١١٨ الى ١٢٠]

وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (١١٨) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (١١٩) وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (١٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>