للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخالفت من تقدّمك من الأنبياء، فرد الله سبحانه شبهتهم، بأن أول بيت بنى للعبادة هو البيت الحرام بناه إبراهيم وولده إسماعيل للعبادة.

[الإيضاح]

أجاب الله سبحانه عن أولى الشبهتين بقوله:

(كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) أي إن كل الطعام كان حلالا لبنى إسرائيل، ولإبراهيم من قبله، ثم حرم عليهم بعض الطيبات في التوراة عقوبة لهم وتأديبا كما يدل على ذلك قوله «فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ» الآية.

والمراد بإسرائيل الشعب كله كما هو شائع في الاستعمال عندهم لا يعقوب فحسب، كما أن المراد بتحريم الشعب ذلك على نفسه أنه اجترح من السيئات، وارتكب من الموبقات ما كان سببا في هذا التحريم كما ترشد إلى ذلك الآية التي أسلفناها.

وخلاصة هذا الجواب- أن الأصل في الأطعمة الحل، وما كان تحريم ما حرم على إسرائيل إلا تأديبا لهم على جرائم ومخالفات وقعت منهم، وكانت سببا فيما نالهم من التحريم لها، والنبي صلى الله عليه وسلم وأمته لم يجترحوا هذه السيئات فلا تحرم عليهم هذه الطيبات.

ومعنى قوله: من قبل أن تنزل التوراة، أنه قبل نزول التوراة كان حلّا لبنى إسرائيل كل أنواع المطعومات أما بعد نزولها، فقد حرم عليهم أنواع كثيرة بسبب الذنوب التي اقترفوها، وقد بينتها التوراة وبينت أسباب التحريم وعلله.

(قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فى دعواكم، لا تخافون أن تكذبكم نصوصها، فالحكم بيننا وبينكم كتابكم الناطق بصحة ما يقول القرآن، فلو جئتم به لكان مؤيدا ما نقول من أن تحريم ما حرم ما كان إلا للتأديب والزجر.

وقد جاء في سفر التثنية: قال موسى حين أخذ عليكم العهد بحفظ الشريعة (إنكم شعب

<<  <  ج: ص:  >  >>