(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى؟) أي واذكر وقت قول إبراهيم لربه، أرنى كيف يكون إحياء الموتى؟ وما وقع حينئذ من عجيب صنعه تعالى لتقف على هدايته تعالى للمؤمنين وولايته لهم.
وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه مع أنه المقصود بالذات لأمرين:
(١) أن إيجاب ذكر الوقت يستلزم ذكر ما وقع فيه.
(٢) أن ذكر الوقت يشتمل على ما فيه بالتفصيل، فإذا استحضر كان كل ما فيه حاضرا لا يشذ عنه شىء.
وصرح بذكر إبراهيم دون الذي مرّ على القرية، لأن في سؤاله من الأدب مع الله والثناء عليه ما ليس في سؤال ذاك، فالصورة في الأول صورة الإقرار مع طلب الزيادة فى العلم، والصورة في الثاني صورة الإنكار.
وبدأ سؤاله بكلمة (رب) المفيدة لعنايته تعالى بعبيده، وتربيته لعقولهم وأرواحهم استعطافا وثناء على الله أمام الدعاء.
وخلاصة المعنى- يا رب أرنى بعيني كيفية إحيائك للموتى.
(قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) أي قال: ألم تعلم ذلك وتؤمن يأنى قادر على الإحياء كيف أشاء حتى تسألنى إراءته؟ قال بلى علمت ذلك وصدقت بالخبر، ولكن تاقت نفسى للخبر والوقوف على كيفية هذا السر ليطمئن قلبى بالعيان بعد خبر الوحى.
وفي قوله تعالى لإبراهيم:«أولم تؤمن» وهو العليم بإيمانه ويقينه- تنبيه وإرشاد إلى ما ينبغى أن يقف عنده الإنسان ولا يعدوه، فإن الإيمان بهذا السر الإلهى والتسليم فيه لخبر الوحى، هو غاية ما يطلب من البشر، ولو كان وراء ذلك سبيل آخر لبينه الله تعالى.