(أما السفينة فكانت لمساكين يعملون فى البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) أي أما فعلى ما فعلت بالسفينة، فلأنها كانت لقوم ضعفاء، لا يقدرون على دفع الظّلمة، وكانوا يؤاجرونها ويكتسبون قوتهم منها، فأردت أن أعيبها بالخرق الذي خرقته، وكان قدامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة للاستعمال غصبا، ويدع كل معيبة، فعبتها لأرده عنها.
وخلاصة ذلك- إن السفينة كانت لقوم مساكين عجزة يكتسبون بها، فأردت بما فعلت إعانتهم على ما يخافون ويعجزون عن دفعه من غصب ملك قدامهم، من عادته غصب السفن الصالحة.
(وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا) أي وأما الغلام فإنه كان كافرا وكان أبواه مؤمنين فخفنا أن يحملهما حبه على متابعته على الكفر.
قال قتادة: قد فرح به أبواه حين ولد، وحزنا عليه حين قتل، ولو بقي لكان فيه هلاكهما، فليرض امرؤ بقضاء الله، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحبّ،
وفى الحديث «لا يقضى الله لمؤمن قضاء إلا كان خيرا له»
، وقال تعالى. «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم» .
وخلاصة ذلك- إنا قد علمنا أنه لو أدرك وبلغ لدعا أبويه إلى الكفر فأجاباه ودخلا معه فى دينه لفرط حبهما له.
(فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما) أي قال هذا العالم:
أردنا أن يرزق الله هذين الأبوين ولدا يكون خيرا من هذا الولد دينا وصلاحا وأقرب عطفا ورحمة بأبويه، وبرّا بهما وشفقة عليهما.