وطهرها من أدران الشرك والتقليد للآباء والأجداد- بالفوز بالفلاح والظفر بالسعادة فى دنياه وآخرته.
ثم ذكر أن من طبيعة النفوس حبّ العاجلة، وتفضيلها على الآجلة، ولو فكروا قليلا لا ستبان لهم أن الخير كل الخير فى تفضيل الثانية على الأولى.
ثم أرشد إلى أن أسس الدعوة الدينية فى كل الأديان واحدة، فما فى القرآن هو ما فى صحف إبراهيم وموسى.
[الإيضاح]
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) أي قد أدرك الفلاح، وظفر بالبغية من طهر نفسه ونقاها من أوضار الكفر، وأزال عنها أدران الشرك والآثام.
ومن هذا تعلم أن تزكية النفس إنما تكون بالإيمان بالله ونفى الشركاء، والتصديق بكل ما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم مع صالح العمل.
(وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) أي وأحضر فى قلبه صفات ربه من الجلال والكمال فخضع لجبروته وقهره. فإن المرء متى تذكر ربه العظيم وجل قلبه، وخاف من سطوته وامتلأت نفسه خشية منه ورهبة لجلاله، كما قال فى آية أخرى:«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ» .
ثم رد سبحانه على قوم ممن قست قلوبهم، ولم يأخذوا من العبادات إلا بصورها وظنوا أن ذلك هو غاية ما يطالب الله عباده بقوله.
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) أي أنتم كاذبون فيما زعمتم لأنفسكم من حسن العمل، لأنكم لو كنتم صادقين فيما ذهبتم إليه لكنتم تفضلون الآخرة على الدنيا، كما يرشد إلى ذلك العقل، ويهدى إليه الشرع، فمتاع الآخرة دائم ونعيمها لا يزول، ولا تنغيص فيه ولا منّ، ومتاع الدنيا متاع زائل تشوبه الأكدار، وتحوط به الآلام، فمن استعجل هذا النعيم، واستحب زينة الدنيا