المراد بالحمل هنا: تبعة الذنوب، والأثقال واحدها ثقل: وهو الحمل الذي يئود حامله، والمراد به الذنب والإثم.
[المعنى الجملي]
بعد أن ذكر فيما سلف قسر الكفار للمؤمنين على الكفر، وإلزامهم إياه بالأذى والوعيد- أردف ذلك ذكر دعوتهم إياهم إليه بالرفق واللين حينا آخر بنحو قولهم لهم: لا عليكم بذلك من بأس، إننا نحتمل تبعات ذنوبكم، ثم ردّ مقالتهم ببيان كذبهم، فإن أحدا لا يحمل وزر أحد يوم القيامة، ثم ذكر أن المضلين يتحملون تبعات ضلالهم وإضلالهم، ويكون لهم العذاب على كلا الجرمين.
روى عن مجاهد: أن الآية نزلت فى كفار قريش قالوا لمن آمن منهم: لا نبعث نحن ولا أنتم فاتبعونا، فإن كان عليكم إثم فعلينا.
[الإيضاح]
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) أي وقال الكافرون من قريش لمن آمن منهم واتبعوا الهدى: ارجعوا إلى ديننا الذين كنتم عليه، واسلكوا طريقنا، وإن كانت عليكم آثام فعلينا تبعتها وهى فى رقابنا، كما يقول القائل: افعل هذا وخطيئتك فى رقبتى.
فردّ الله عليهم كذبهم بقوله:
(وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) أي وإنهم لا يحملون ذنوبهم يوم القيامة فإن أحدا لا يحمل وزر أحد كما قال تعالى: «وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى» وقال «وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً. يُبَصَّرُونَهُمْ» .