لا نفرق بين أحد من رسله: أي إن الرسل في الرسالة والتشريع سواء لا يفضل بعضهم بعضا، سمعنا: أي سماع تدبر وفهم، والتكليف: الإلزام بما فيه كلفة، والوسع:
ما تسعه قدرة الإنسان من غير حرج ولا عسر، والاكتساب يفيد الجد في العمل، والمؤاخذة المعاقبة لأن من يراد عقابه يؤخذ بالقهر، ما لا طاقة لنا به: أي ما لا قدرة لنا عليه ويشقّ علينا فعله، والإصر: العبء الثقيل يأصر صاحبه ويحبسه مكانه، إذ لا يطيق حمله لثقله، والمراد به التكاليف الشاقة، مولانا: أي مالكنا ومتولى أمورنا.
[المعنى الجملي]
افتتح سبحانه هذه السورة ببيان أن القرآن لا ريب فيه، وأنه هدى للمتقين، وبين صفات هؤلاء وأصول الإيمان التي أخذوا بها، ثم ذكر خبر الكافرين والمرتابين، ثم أرشد فيها إلى كثير من الأحكام كالصيام والحج والطلاق، وحاجّ الضالين من الأمم السالفة ولا سيما اليهود، فإنه قد بلغ في حجاجهم مبلغا ليس بعده زيادة لمستزيد- وهنا اختتم السورة بالشهادة للرسول صلوات الله عليه وللمؤمنين، ثم لقنهم من الدعاء ما يرضيه، ثم ذكر تمام خضوعهم وإخباتهم إلى ربهم الذي رباهم وخلقهم في أحسن تقويم، وميزهم بالفطر السليمة والخلق الكامل، وطهر نفوسهم وزكاها من الأدناس والأرجاس حتى وصلوا إلى طريق السعادة، وفازوا بخيرى الدارين، وهذا منتهى الكمال الإنساني، وغاية ما تصبو إليه نفوس البشر.