عند ابني عمه لم يعطياها منه شيئا، وهن فى حجرى لا يطعمن ولا يسقين، فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله ولدها لا يركب فرسا ولا يحمل كلّا ولا ينكى عدوا، نكسب عليها ولا تكسب، فنزلت الآية فأثبتت لهن الميراث. فقال رسول الله لا تفرّقا من مال أوس شيئا فإن الله جعل لبناته نصيبا مما ترك ولم يبين، فنزلت (يُوصِيكُمُ اللَّهُ) إلخ فأعطى زوجه الثمن والبنات الثلثين والباقي لبنى العم» .
[الإيضاح]
(لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) أي إذا كان لليتامى مال مما تركه لهم الوالدان والأقربون فهم فيه سواء، لا فرق بين الرجال والنساء، ولا فرق بين كونه كثيرا أو قليلا، وأتى بقوله نصيبا مفروضا، لبيان أنه حق معين مقطوع به ليس لأحد أن ينقص منه شيئا ولا أن يحابى فيه.
(وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً) المراد بذوي القربى من لا يرث منهم كالأخ لأب مع الأخ الشقيق والعم مع الأب.
أي إذا حضر قسمة التركة أحد من ذوى القربى للوارثين فانفحوهم بشىء من الرزق الذي جاءكم من غير كدّ ولا نصب، فلا ينبغى أن تبخلوا به على المحتاجين من ذوى القربى واليتامى والمساكين وتتركوهم يذهبون منكسرى القلب مضطربى النفس، وقولوا لهم قولا تطيب به نفوسهم عند ما يعطون، حتى لا يثقل على أبىّ النفس منهم ما يأخذ، ويرضى الطامع فى أكثر مما أخذ بالتودد والتلطف فى القول وعدم التغليظ فيه.
والسر فى إعطائهم شيئا من التركة أنه ربما يسرى الحسد إلى نفوسهم، فينبغى التودّد إليهم واستمالتهم بإعطائهم قدرا من هذا المال هبة أو هدية أو إعداد طعام لهم يوم القسمة، ليكون فى هذا صلة للرحم، وشكر للنعمة.