العذاب- لما أقاموا على كفرهم بربهم ولسارعوا إلى التوبة منه، ولما استعجلوا لأنفسهم هذا النكال والوبال.
وإنما خص الوجوه والظهور، لأن مس العذاب لهما أعظم موقعا.
ولما بين شدة العذاب فى ذلك اليوم بين أن وقته لا يكون معلوما لهم فقال:
(بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي بل تأتيهم الساعة وهم لأمرها غير مستعدين، فتدعهم حائرين لا يستطيعون حيلة فى ردها، ولا منصرفا عما يأتيهم منها، ولا هم يمهلون لتوبة، ولا لتقديم معذرة، فقد فات مافات، وأحاط بهم ما كانوا به يستهزئون.
وإنما لم يعلم الله عباده وقتها، لما فى ذلك من فائدة، فإن المرء يكون مع جهله بها أشد حذرا، وأقرب إلى التلافي وانتهاز الفرصة.
ثم سلى رسوله على استهزائهم به فقال:
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي ولقد استهزىء برسل من رسلنا الذين أرسلناهم قبلك إلى أممهم، فنزل بالذين استهزءوا بهم العذاب والبلاء الذي كانت الرسل تخوّفهم نزوله، ولن يعدو أن يكون أمر هؤلاء الكفار كأمر أسلافهم من الأمم المكذبة لرسلها، فينزل بهم من عذاب الله وسخطه باستهزائهم مثل ما نزل بمن قبلهم فانظر لهم عاقبة وخيمة كعاقبة أولئك، وسيكون لك النصر عليهم.