نال الشيء نيلا: إذا أصابه ووجده، يقال نال العلم: إذا وصل إليه واتصف به، والبرّ: ما يكون به الإنسان بارّا، وما تحبون هو نفائس الأموال وكرائمها، لأن شأنها عند النفوس عظيم، فكثيرا ما يخاطر الإنسان بنفسه، ويستسهل بذل روحه للدفاع عن ماله.
[المعنى الجملي]
بعد أن حاج الله تعالى أهل الكتاب فيما ادّعوه من الإيمان، وأنهم شعب الله المختار، وأن النبوة محصورة فيهم لا تعدوهم إلى غيرهم، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودات.
خاطبهم هنا بأن آية الإيمان وميزانه الصحيح هو الإنفاق في سبيل الله من المحبوبات مع الإخلاص وحسن النية، ولكنكم أيها المدّعون لتلك الدعاوى آثرتم شهوة المال على مرضاة الله، ولو أنفق أحدكم شيئا من ماله فإنما ينفق من أردأ ما يملك وأبغضه إليه، لأن محبة المال في قلبه تفوق محبة الله تعالى، والرغبة في ادخاره تعلو الرغبة فيما عند ربه من الرضا والثواب فكيف ترجون أن تكونوا من المؤمنين الصادقين وأنتم لا تنفقون ما تحبون؟
[الإيضاح]
(لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) أي لن تصلوا إلى بر الله تعالى بأهل طاعته برضاه عنهم وتفضله برحمتهم، ونيلهم مثوبته، ودخولهم جنته، وصرف عذابه عنهم حتى تنفقوا ما تهواه نفوسكم من كرائم أموالكم