تريثت فى الإذن لهم وتوقفت عنه حتى ينجلى أمرهم وينكشف حالهم، وإلى ذلك الإشارة بقوله:
(حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) أي حتى يتبين لك الفريقان، فتعامل كلّا بما ينبغى أن يعامل به، فإن الكاذبين لا يخرجون، أذنت لهم أو لم تأذن، فكان من الأجدر بك أن تتلبّث فى الإذن أو تمسك عنه اختبارا لحالهم.
روى عن مجاهد فى قوله (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ؟) هم ناس قالوا استأذنوا رسول الله، فإن أذن لكم فاقعدوا، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا. وعن قتادة فى قوله (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) لقد كانوا يستطيعون الخروج، ولكن كان تبطئة من عند أنفسهم وزهادة فى الجهاد.
تقدم أن قلنا إن هذه السورة تسمى الفاضحة، لأنها فضحت أنواع النفاق وكشفت أحوال المنافقين، ومن ثم نقل البغوي وغيره عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف المنافقين حتى نزلت سورة براءة، والمراد أنه لم يكن يعرفهم كلهم ويعرف شئونهم بهذا التفصيل حتى نزلت.
وهذه الآيات أول ما نزل فى التفرقة بين المنافقين والمؤمنين فى القتال.