(فَكَذَّبَ وَعَصى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى) أي فكذب موسى ثم ولى معرضا عما دعاه إليه من طاعة ربه وخشيته، وطفق يخبّ فى المعاصي ويضع، غير متدبر فى عاقبة أمره، ولا مفكر فى غده.
(فَحَشَرَ فَنادى. فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) أي فجمع السحرة الذين هم تحت إمرته وسلطانه كما جاء فى قوله: «وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ. يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ» فقام فيهم يقول: «أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى» فلا سلطان يعلو سلطانى، ولم يزل فى عتوّه حتى تبع موسى وقومه إلى البحر الأحمر (بحر القلزم) عند خروجهم من مصر فأغرق فيه هو وجنوده، وإلى ذلك أشار سبحانه بقوله:
(فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) أي فنكل الله به ولم يكن ذلك النكال مقصورا على ما عذب به فى الدنيا من الغرق فى البحر، بل عذبه فى الآخرة أيضا فى جهنم وبئس القرار.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) أي إن فيما ذكر لموعظة لمن له عقل يتدبر به فى عواقب الأمور ومصايرها، فينظر فى حوادث الماضين، ويقيس بها أحوال الحاضرين ليتعظ بها.