واسترحم الرب وخاف أن يقتله كل من وجده، فقال له الرب لذلك: كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه وجعل الرب لقايين علامة لكى لا يقتله كل من وجده، فخرج قايين من لدن الرب وسكن فى أرض نود شرقى عدن.
ثم ذكر أن بنى إسرائيل غلاظ القلوب مسرفون فى القتل وفى غيره مع كثرة مجىء الرسل لهم فقال:
(وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) أي ولقد جاءتهم الرسل بالآيات الواضحة الناطقة بتقرير ما كتبنا عليهم، المؤكدة لوجوب مراعاته والمحافظة عليه، فلم تغن عن الكثير منهم شيئا، إذ لم تهذب نفوسهم ولم تطهّر أخلاقهم، فكانوا بعد كل هذا التشديد عليهم فى أمر القتل يسرفون فيه وفى سائر ضروب البغي والعدوان.
والعبرة فى قصة ابني آدم أن الحسد كان مثار أول جناية فى البشر، ولا يزال هو أسّ المفاسد فى المجتمع، فترى الحاسد تثقل عليه نعمة الله على أخيه نسبا أو جنسا أودينا فيبغى عليه ولو بما فيه ضرر له ولهذا المحسود.
والأمة التي تنتشر بين أفرادها هذه الرذيلة قلما تتوجه همم أبنائها إلى ما يرقى شأنهم بين الأمم الأخرى، وقلما يتعاونون على ما فيه صلاحهم وتقدمهم فى سائر مرافق الحياة فيصبحون عبيدا لسواهم بعد أن كانوا سادة، وأذلاء بعد أن كانوا فى عزة وبلهنية من العيش.