ثم بين أن ذلك لا يفيدهم شيئا فقد فات الأوان، فلا يفيد الندم ولا الاعتراف بالحق شيئا
ندم البغاة ولات ساعة مندم ... والبغي مرتع مبتغيه وخيم
فقال سبحانه:
(فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) أي فلم يفدهم إيمانهم عند ما عاينوا عقابنا، وحين نزل بهم عذابنا، ومضى فيهم حكمنا، فمثل هذا الإيمان لا يفيد شيئا كما قال تعالى لفرعون حين الغرق وحين قال:«آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ» - «آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ؟» .
وبعدئذ ذكر سبحانه أن هذه سنته فيهم وفي أمثالهم من المكذبين فقال:
(سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) أي وهكذا كانت سنة الله في الذين سلفوا إذا عاينوا عذابه ألا ينفعهم إيمانهم حينئذ، بعد أن جحدوا به وأنكروا وحدانيته، وعبدوا من دونه من الأصنام والأوثان.
وقصارى ذلك- إن حكم الله في جميع من تاب حين معاينة العذاب ألا تقبل منه توبة،
وقد جاء في الحديث «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرر»
أي فإذا غرغر وبلغت الروح الحلقوم فلا توبة، ولهذا قال:«وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ» .
اللهم اقبل توبتنا، واغفر حوبتنا، وآمن روعتنا: واجعلنا من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله.