بعد أن نهى فيما سلف عن دخول الأجانب فى البيوت إلا بعد الاستئذان والتسليم على أهلها، وبين أن فى ذلك الخير كل الخير لهم، فإن لم يجدوا فيها أحدا رجعوا لما لذلك من كبير الأثر فى المجتمع الإسلامى، بصيانة الآداب العامة، ومنع القيل والقال، وحفظ الأعراض والأنساب.
استثنى فى هذه الآيات دخول الأقارب بعضهم على بعض، ودخول المملوكين على سادتهم، وبين أن الاستئذان لا يكون فى جميع الأوقات، بل فى ثلاث أوقات هى عورات لأرباب البيوت، لما فيها من رفع الكلفة وقلة التحفظ فى الستر، ثم ذكر أن النساء الطاعنات فى السن إذا لم يطمعن فى الزواج فلا حرج عليهن إذا لم يستعملن الزينة، وعليهن أن يتعففن جهد الطاقة.
روى أن سبب نزول الآية «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث وقت الظهيرة إلى عمر رضى الله عنه غلاما من الأنصار يقال له مدلج، وكان عمر نائما فدقّ عليه الباب ودخل، فاستيقظ وجلس، فانكشف منه شىء، فقال: لوددت أن الله تعالى نهى آباءنا وأبناءنا وخدمنا عن الدخول علينا فى هذه الساعة إلا بإذن، فانطلق معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فوجد الآية قد نزلت فخرّ ساجدا»
وهذا أحد موافقات رأيه الصائب رضى الله عنه للوحى.
وقيل إن السبب ما روى من أن أسماء بنت أبى مرشد دخل عليها غلام كبير لها فى وقت كرهت دخوله فيه، فأتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا فى حال نكرهها فنزلت الآية.