مكناكم فى الأرض، أي جعلنا لكم فيها أمكنة تتبوءونها وتتمكنون من الإقامة فيها، والمعايش واحدها معيشة: وهى ما تكون به العيشة والحياة الجسمانية الحيوانية من المطاعم والمشارب وغيرها، وهى ضربان:
(١) ما يحصل بخلق الله ابتداء كالثمار وغيرها.
(٢) ما يحدث بالا كتساب.
وكلاهما إنما يحصل بفضل الله وإقداره وتمكينه، فيكون الكل إنعاما من الله، وذلك مما يوجب طاعته.
[المعنى الجملي]
بعد أن بين فيما سلف أن واضع الدين هو الله فيجب اتباعه دون ما يأمر به غيره من الأولياء والشفعاء، وقفّى على ذلك بذكر عذاب الدنيا بقوله: وكم من قرية أهلكناها، وذكر عذاب الآخرة بقوله: فلنسألن الذين أرسل إليهم، وبقوله: والوزن يومئذ الحق.
أردف ذلك بذكر نعمه على عباده بتمكينهم فى الأرض وخلق أنواع المعايش فيها، مع بيان أن كثرة النعم توجب عليهم الطاعة له.
[الإيضاح]
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ) أي ولقد جعلنا لكم فيها أوطانا تتبوءونها وتستقرون فيها وجعلنا لكم فيها معايش تعيشون بها أيام حياتكم من مطاعم ومشارب نعمة منى عليكم، وإحسانا منى إليكم، وأنشأنا لكم فيها ضروبا شتى من المنافع التي تعيشون بها عيشة راضية: من نبات وأنعام وطير وسمك ومياه عذبة وأشربة مختلفة الطعوم والروائح، ووسائل مختلفة للتنقل والارتحال من جهة إلى أخرى تتقدم بتقدم العلم