(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) أي إن ربكم أيها القوم هو القادر الحكيم الذي يجرى لكم لنفعكم السفن فى البحر بالريح اللينة أو بالآلات البخارية أو الكهربائية، لتسهيل نقل أقواتكم وحاجكم من إقليم إلى آخر من أقصى المعمورة إلى أدناها، والعكس بالعكس، ونقل أشخاصكم من قطر إلى قطر ابتغاء للرزق أو للسياحة ورؤية مظاهر الكون على اختلاف الأصقاع مما يرشد إلى باهر القدرة، ووافر النعمة عليكم، إنه كان بكم رحيما، إذ سهل ما فيه الفوائد المرجوة لكم فى هذه الحياة.
ثم خاطب الكفار بقوله:
(وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) أي وإذا نالتكم شدة جهد فى البحر ذهب عن خواطركم كل من تدعونه وترجون نفعه، من صنم أو جن أو ملك أو بشر أو حجر، فلا تذكرون إلا الله، ولا يخطر على بالكم سواه لكشف ما حل بكم.
وخلاصة ذلك- إنكم إذا مسكم الضر دعوتم الله منيبين إليه مخلصين له الدين.
(فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) أي ومن عجيب أمركم أنكم حين دعوتموه وأغاثكم وأجاب دعاءكم ونجاكم من هول ما كنتم فيه فى البحر أعرضتم عن الإخلاص ورجعتم إلى الإشراك به كفرا منكم بنعمته.
ثم علل هذا الإعراض بقوله:
(وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) أي وكانت سجية الإنسان وطبيعته أن ينسى النعم ويجحدها إلا من عصم الله.
وخلاصة ما سلف- إنكم حين الشدائد تجأرون طالبين رحمته، وحين الرخاء تعرضون عنه.