للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٤) إن حال يوسف معهم كان حال القادر بل المالك القاهر مع مسىء ضعيف لديه، عظم جرمه عليه، فلم يشأ أن يكون الغفران بشفاعته ودعائه، فآمنهم من خوف الانتقام تعجيلا للسرور بالنعمة الجديدة التي جعل الله أمرها بين يديه، وليروا ويرى الناس فضل العفو عند القدرة، وليكون لهم فى ذلك أحسن الأسوة، وفى هذا من ضروب التربية أكبر العظة، ولو أخر المغفرة لكانوا فى وجل مما سيحلّ بهم، ولخافوا شر الانتقام، فكانوا فى قلق دائم وتبلبل بال واضطراب نفس، فكان توجسهم له عذابا فوق العذاب الذي هم فيه، ولكن شاءت رحمته بهم أن يجعل السرور عاما والحياة الجديدة حافلة بالاطمئنان وقرة العين، وهكذا شاءت الأقدار وشاء الله أن يكون ذلك وهو العليم الحكيم.

تأويل رؤيا يوسف من قبل

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٩٩ الى ١٠٠]

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (١٠٠)

[تفسير المفردات]

آوى إليه أبويه: أي ضمهما إليه واعتنقهما، ورفع أبويه: أي أصعدهما، والعرش:

كرسى تدبير الملك لا كل سرير يجلس عليه الملك، وخروا له سجدا: أي أهوى أبواه

<<  <  ج: ص:  >  >>