للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرسه مهرا حسنا أو ولدت امرأته غلاما أو كثر ماله وما شيته- رضى به واطمأن إليه وإن أصابه وجع أو ولدت امرأته جارية أو أجهضت رماكه (خيله) أو ذهب ماله.

أو تأخرت عنه الصدقة أتاه الشيطان وقال له: ما جاءتك هذه الشرور إلا بسبب هذا الدين فينقلب عنه.

[الإيضاح]

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ) أي على طرف من الدين لا فى وسطه وقلبه، فهو فى قلق واضطراب فيه لا فى سكون وطمأنينة، فمثله مثل الذي يكون على طرف من العسكر إن أحسّ بغنيمة قرّ وسكن، وإن كانت هزيمة فرّ وهام على وجهه، وهذا ما أشار إليه بقوله:

(فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) أي فإن أصابه ورخاء وسعة فى العيش سكن واستبشر بهذا الخير والدين فعبد الله، وإن أصابه شر وبلاء فى جسمه أو ضيق فى معيشته ارتد ورجع إلى الكفر.

والثبات فى الدين إنما يكون إذا كان الغرض منه إصابة الحق وطاعة الرب والخوف من عقابه، أما إذا كان المقصد منه الخير المعجّل فإنه يظهر فى السراء ويختفى لدى الضراء، وهذا هو النفاق بعينه كما يرشد إلى ذلك قوله فى المنافقين: «مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ» وقوله: «فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ» .

وخلاصة ذلك- أن من الناس من ليس له ثبات فى أمر دينه، بل هو مرجحنّ مضطرب مذبذب، يعبد الله على وجه التجربة انتظارا للنعمة، فإن أصابه خير بقي مؤمنا، وإن أصابه شر من سقم أو ضياع مال أو فقد ولد ترك دينه وارتد كافرا.

ثم بين سوء عاقبة عمله فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>