المجيد من المجد، وهو كما قال الراغب: السعة فى الكرم من قولهم: مجدت الإبل إذا وقعت فى مرعى كثير واسع، وصف به القرآن لكثرة ما تضمنه من المكارم الدنيوية والأخروية، رجع بعيد: أي بعث بعد الموت بعيد عن الأوهام، ما تنقص الأرض: أي ما تأكل من لحوم موتاهم وعظامهم، حفيظ: أي حافظ لتفاصيل الأشياء كلها، بالحق: أي بالنبوة الثابتة بالمعجزات، مريج: أي مضطرب من قولهم: مرج الخاتم فى إصبعه إذا قلق من الهزال.
[الإيضاح]
(ق) تقدم أن قلنا غير مرة إن الحروف المفردة. التي جاءت فى أوائل السور حروف لتنبيه السامع إلى ما يرد بعدها، وأكثر ما جاء ذلك إذا ورد بعدها وصف القرآن كما هنا.
(وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) أقسم الله سبحانه بكتابه الكثير الخير والبركة- إنك أيها الرسول جئتهم منذرا بالبعث، يدل على ذلك قوله تعالى «يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ- إلى أن قال- لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ» .
(بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) أي إنك جئتهم منذرا بالبعث، فلم يقبلوا ولم يكتفوا بالشك فى أمرك وردّ رسالتك، بل جزموا بنفيها، وجعلوها من عجائب الأمور التي تستحق الدهشة، وكثير التأمل والاعتبار.
ثم فسر تعجبهم وفصّل محل التعجب وهو إنذاره بالقرآن فقال:
(فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) أي فقال المكذبون بالله ورسوله من قريش إذ جاءهم منذر منهم: هذا شىء عجيب، أي إن مجىء رجل منا برسالة من الله إلينا