(وَالطُّورِ. وَكِتابٍ مَسْطُورٍ. فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) أقسم سبحانه بهذا الجبل العظيم الشأن الذي كلم فوقه موسى، وأنزل عليه التوراة التي كتبت بنظام بديع، مرتب الحروف، فى رق منشور، يسهل على كل أحد أن يطلع على ما فيها من حكم وأحكام، وآداب وأخلاق.
(وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) أي والكعبة التي يعمرها عشرات الآلاف الذين يهرعون إليها كل عام من أرجاء المعمورة، وينسلون إليها من كل حدب، كما يعمرها المجاورون لها تبركا بالعبادة فيها، وطلبا لقبولها عند ربهم.
(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) أي والعالم العلوي وما حوى من شموس وأقمار، وكواكب ثابتة وسيارات، وما فيه من عرشه وكرسيه وملائكته الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وما فيه من عوالم لا يحصى عدتها إلا هو، ومن جنود لا يعلم حقيقتها إلا من ذرأها كما قال «وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ» .
(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) أي والبحر المحبوس من أن يفيض فيغرق جميع ما على الأرض ولا يبقى ولا يذر من حيوان ونبات، فيفسد نظام العالم وتعدم الحكمة التي لأجلها خلق.
وقد يكون المعنى- والبحر الموقد فى باطن الأرض بمنزلة التنّور المحمى، وقد بينا هذا فيما سبق.
ثم ذكر ما أقسم عليه فقال:
(إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ. ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) أي إن عذاب يوم القيامة لمحيط بالكافرين المكذبين بالرسل، لا يدفعه عنهم دافع، ولا يجدون من دونه مهربا، جزاء ما دنّسوا به أنفسهم من الشرك والآثام، ودسّوا به أرواحهم من التكذيب بالرسل واليوم الآخر.