ذوو القرابة الأدنون الذين من شأنهم التعاون والتناصر، والاقتراف: الاكتساب، وكساد التجارة: ضد رواجها، والتربص: الانتظار، وأمره: عقوبته إن عاجلا أو آجلا.
[المعنى الجملي]
لما أعلن الله براءته وبراءة رسوله من المشركين وآذنهم بنبذ عهودهم بعد أن ثبت أنه لا عهد لهم- عزّ ذلك على بعض المسلمين، وتبرّم به ضعفاء الإيمان وكان أكثرهم من الطّلقاء الذين أعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وكان موضع الضعف نصرة القرابة وعصبية النسب، إذ كان لا يزال لكثير منهم أولو قرابة من المشركين يكرهون قتالهم ويتمنّون إيمانهم، بل كان لبعض ضعفاء الإيمان وليجة وبطانة منهم.
من أجل هذا بين الله فى هاتين الآيتين أن فضل الإيمان والهجرة والجهاد ونيل ما بشر الله به أهله من رحمته ورضوانه ودخول جناته- لا يكمل إلا بترك ولاية الكافرين وإيثار حب الله ورسوله والجهاد فى سبيله على حب الوالد والولد والأخ الزوج والعشيرة والمال والسكن.
[الإيضاح]
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ) أي لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء تنصرونهم فى القتال وتظاهرون لأجلهم الكفار أو تطلعونهم على أسرار المؤمنين وما يستعدون به لقتال المشركين إن أصرّوا على الكفر وآثروه على الإيمان، فإن فى ذلك قوة للمشركين على قتال المؤمنين وحضدا لشوكتهم وقد حدث ذلك منذ ظهور الإسلام إلى نزول هذه السورة، فقد كتب حاطب بن أبى بلتعة وهو من أهل بدر وقد استخفّته نعرة القرابة إلى مشركى مكة خفية يعلمهم بما عزم عليه النبي صلى الله عليه وسلم من قتالهم، ليتخذ له بذلك