للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركبتيه، وبسط يديه، وأرخى عينيه، وهو يقول: شكرا شكرا كما رحمتنى ورحمت أصحابى، وذهب حذيفة إلى القوم، فسمع أبا سفيان يقول: يا معشر قريش، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخفّ، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، فارتحلوا فإنى مرتحل، فلما رجع أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضحك حتى بدت أنيابه فى سواد الليل.

[الإيضاح]

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) أي تذكروا أيها المؤمنون نعم الله التي أسبغها عليكم حين حوصرتم أيام الخندق، وحين جاءتكم جنود الأحزاب من قريش وغطفان، ويهود بنى النضير الذين كانوا أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى خيبر، فأرسلنا عليهم ريحا باردة فى ليلة باردة أحصرنهم، وسفت التراب فى وجوههم، وأمر ملائكته، فقلعت الأوتاد، وقطعت الأطناب، وأطفأت النيران، وأكفأت القدور، وما جت الخيل بعضها فى بعض، وقذف الرعب فى قلوب الأعداء، حتى قال طليحة بن خويلد الأسدى: إن محمدا قد بدأكم بالسحر فالنجاء النجاء، فانهزموا من غير قتال.

قال حذيفة بن اليمان وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتى بخبر القوم:

خرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت فى ضوء نار لهم توقد، وإذا رجل أدهم ضخم (أبو سفيان) يقول: الرحيل الرحيل لا مقام لكم، وإذا الرجل فى عسكرهم ما يجاوز عسكرهم شبرا، فو الله إنى لأسمع صوت الحجارة فى رحالهم وفرشهم، والريح تضربهم ثم رجعت نحو النبي صلى الله عليه وسلم فلما صرت فى منتصف الطريق أو نحو ذلك إذا أنا بنحو عشرين فارسا معتمّين قالوا: أخبر صاحبك أن الله قد كفاك القوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>