ثم انطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى (ابن عم خديجة) وكان امرأ قد تنصر فى الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، وكتب بالعبرانية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمى، فقالت خديجة: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: ابن أخى ما ترى؟
فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على عيسى، ليتنى فيها جذعا، ليتنى أكون حيّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجىّ هم؟ فقال ورقة: نعم، لم يأت أحد قط بمثل ما جئت به إلا عودى، وإن يدركنى يومك أنصرك نصرا مؤزّرا، ثم لم ينشب أن توفّى، رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم.
ومن ذلك تعلم أن صدر هذه السورة هو أول ما نزل من القرآن الكريم، وأول رحمة رحم الله بها عباده، وأول خطاب وجّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما بقية السورة فهو متاخر النزول، نزل بعد شيوع بعثته صلى الله عليه وسلم، وبعد أن دعا قريشا إلى الإيمان به، وآمن به قوم منهم، وكان جمهرتهم يتحرشون بمن آمن به ويؤذونهم، ويحاولون ردهم عن تصديقه، والإيمان بما جاء به من عند ربه.
[الإيضاح]
(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) أي صر قارئا بقدرة الله الذي خلقك وإرادته بعد أن لم تكن كذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن قارئا ولا كاتبا، وقد جاءه الأمر الإلهى بأن يكون قارئا وإن لم يكن كاتبا، وسينزل عليه كتابا يقرؤه، وإن كان لا يكتبه.