موضعها لا يؤيدها دليل ولا برهان، وكلمة التقوى هى: لا إله إلا الله، وأهلها: أي المستأهلين.
[المعنى الجملي]
بعد أن أبان فيما سلف أن الله كف أيدى المؤمنين عن الكافرين، وكف أيدى الكافرين عن المؤمنين- عيّن هنا مكان الكف وهو البيت الحرام الذي صدّوا المؤمنين عنه، ومنعوا الهدى معكوفا أن يبلغ محله، والسبب الذي لأجله كفوهم هو كفرهم بالله، ثم أخبرهم بأنه لولا أن يقتلوا رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لا علم لهم بهم فيلزمهم العار والإثم- لأذن لهم فى دخول مكة، ولقد كان الكف ومنع التعذيب عن أهل مكة ليدخل الله فى دين الإسلام من يشاء منهم بعد الصلح وقبل دخولها، وليمنعنّ الأذى عن المؤمنين منهم، ولو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما بالقتل والسبي حين جعلوا فى قلوبهم أنفة الجاهلية التي تمنع من الإذعان للحق، ولكن أنزل الله الثبات والوقار على رسوله وعلى المؤمنين فامتنعوا أن يبطشوا بهم، وألزمهم الوفاء بالعهد وكانوا أحق بذلك من غيرهم إذ اختارهم الله لدينه وصحبة نبيه.
روى أنه لما همّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقتالهم بعثوا سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزّى ومكرز بن حفص ليسألوه أن يرجع فى عامه على أن تخلى قريش مكة من العام القابل ثلاثة أيام فأجابهم وكتبوا بينهم كتابا، فقال عليه الصلاة السلام لعلىّ ورضى الله عنه: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقالوا لا نعرف هذا: اكتب باسمك الله، ثم قال عليه السلام: اكتب هذا ما صالح عليه رسول الله أهل مكة، فقالوا كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت وما قاتلناك، اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة، فقال صلّى الله عليه وسلّم اكتب ما يريدون،