للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) أي فأما من أعطى المال وأنفقه فى وجوه الخير، سواء كان واجبا عليه أم لا كالصدقات والنوافل كفك الأسارى وتقوية المسلمين على عدوهم، وابتعد عن كل ما لا ينبغى، فحمى نفسه عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وخاف من إيصال الأذى إلى الناس.

(وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) أي وصدق بثبوت الفضيلة والعمل الطيب، ونحو ذلك مما هو مركوز فى طبيعة الإنسان، وهو مصدر الصالحات وأفعال البر والخير.

ولا يكون تصديقا حقا، ولا ينظر الله إليه إلا إذا صدر عنه الأثر الذي لا ينفك عنه وهو بذل المال، واتقاء مفاسد الأعمال.

وكثير من الناس يظن نفسه مصدّقا بفضل الخير على الشر ولكن هذا التصديق يكون سرابا فى النفس، خيّله الوهم، لأنه لا يصدر عنه ما يليق به من الأثر، فتراه قاسى القلب، بعيدا عن الحق، بخيلا فى الخير، مسرفا فى الشر.

ثم ذكر جزاءه على ذلك فقال:

(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) أي فسنهيئه لأيسر الخطتين وأسهلهما فى أصل الفطرة، وهو تكميل النفس إلى أن تبلغ المقام الذي تجد فيه سعادتها فالإنسان إنما يمتاز عن غيره من الحيوان بالتفكير فى الأعمال ووزنها بنتائجها.

فإذا حصل ذلك وظهرت آثاره فيها سهل الله له ما هو مسوق إليه بأصل فطرته.

وفاعل الخير للخير يجد أريحيّة فى نفسه، ويذوق لذة لا تعد لها لذة، فتزيد فيه رغبته، وتشتد لفعله عزيمته وهذا هو التيسير الإلهى الذي يوفق الله له الصالحين من عباده.

(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) أي وأما من أمسك ماله أو أنفقه فى شهواته، ولم ينفقه فيما يقرب من ربه، وخدعته ثروته وجاهه، فظن أنه بذلك لا يحتاج إلى أحد ولا يحس

<<  <  ج: ص:  >  >>