ولما كان الجزاء فى الآخرة نتيجة للعمل فى الدنيا، وما فيها من نعيم حصّاد لما زرع فيها، رتب على ذلك قوله:
(أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) أي أولئك المؤمنون الذين تحلّوا بتلك الخلال السامية جديرون بأن يتبوءوا أرفع مراتب الجنات، كفاء ما زينوا به أنفسهم من الأخلاق الفاضلة، والآداب العالية، ويبقون خالدين فيها أبدا لا يخرجون منها ولا يموتون.
وقصارى ما سلف- إن فلاح المؤمن موقوف على اتصافه بتلك الصفات السامية العالية القدر، العظيمة الأثر فى حياته الروحية، وكمالاته النفسية.
روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال:«كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحى يسمع عند وجهه دوىّ كدوىّ النحل، فأنزل عليه يوما، فمكث ساعة ثم سرّى عنه، فاستقبل القبلة فقال: اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنّا، وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا، ثم قال لقد أنزل علىّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ: قد أفلح المؤمنون حتى ختم العشر» .