(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) أي إنا أرسلناك أيها الرسول شاهدا على أمتك بما أجابوك فيما دعوتهم إليه مما أرسلتك به إليهم، مبشرا لهم بالجنة إن أجابوك إلى ما دعوتهم إليه من الدين القيم، ونذيرا لهم عذاب الله إن تولّوا وأعرضوا عما جئتهم به من عنده، فآمنوا بالله ورسوله وانصروا دينه وعظموه وسبحوه فى الغدوّ والعشىّ.
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ) أصل البيعة العقد الذي يعقده الإنسان على نفسه من بذل الطاعة للامام والوفاء بالعهد الذي التزمه له، والمراد بها هنا بيعة الرضوان بالحديبية، وقد بايعه جماعة من الصحابة على ألا يفروا، منهم معقل بن يسار، أي إن الذين يبايعونك بالحديبية من أصحابك على ألا يفروا عند لقاء العدو، ولا يولّوهم الأدبار، إنما يبايعون الله ببيعتهم إياك، وقد ضمن لهم الجنة بوفائهم له بذلك.
ثم أكد ما سلف بقوله:
(يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) أي نعمة الله عليهم بالهداية فوق ما صنعوا من البيعة كما قال تعالى: «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ» .
(فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) أي فمن نقض العهد الذي عقده مع النبي صلى الله عليه وسلّم فإن ضرر ذلك راجع إليه ولا يضرّنّ إلا نفسه.
(وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) أي ومن وفّى بعهد البيعة فله الأجر والثواب فى الآخرة، وسيدخله جنات يجد فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.