أردف ذلك بيان ما أعده للمحسن والمسيء في هذا اليوم من ثواب وعقاب، ليكون فى ذلك ترغيب في صالح الأعمال، وترهيب من فعل الفجور واجتراح السيئات.
[الإيضاح]
(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) أي إن من يدخل الجنة يتمتع بنعيمها ولذاتها، ويكون بذلك في شغل عما سواه، إذ يرى ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فأنى له أن يفكر فيما سواه؟ وهو بذلك فرح مستبشر ضحوك السن هادىء النفس، لا يرى شيئا يغمه أو ينغّص عليه حبوره وسروره.
ثم ذكر ما يكمل به تفكههم ويزيد في سرورهم فقال:
(هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) أي هم وأزواجهم في ظل لا يضحون لشمس، لأنه لا شمس فيها (وألذ شىء لدى العربي أن يرى مكانا فيه ظل ظليل، وأنهار جارية، وأشجار مورقة) وهم فيها متكئون على السرر عليها الحجال (الناموسيات) وهذا منتهى ما تسمو إليه النفوس من لذة لدى من نزل عليهم التنزيل.
وبعد أن ذكر ما لهم فيها من مجالس الأنس- ذكر ما يتمتعون به من مآكل ومشارب، ولذات جسمانية وروحية فقال:
(لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) أي لهم فيها من الفواكه مالذ وطاب، مما تقرّ به أعينهم، وتسرّ به نفوسهم، كما هو شأن المترفين المنعمين في الدنيا، ولهم فوق ذلك كل ما يتمنون وتشتاق إليه نفوسهم، قال أبو عبيدة: العرب تقول: ادّع علىّ ما شئت أي تمن علىّ وتقول فلان في خير ما ادّعى أي في خير ما تمنى.
ثم فسر الذي يدّعون بقوله:
(سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) أي ذلك الذي يتمنونه هو التسليم من الله عليهم