للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر غير واحد من العلماء أن من سار لأمر فيه ثواب كطلب علم وحج وكسب حلال ومات قبل الوصول إلى المقصد فله هذا الحكم.

أخرج البيهقي عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من خرج حاجّا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازيا فى سبيل الله فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة» .

[السبب فى شرع الهجرة فى صدر الإسلام]

شرعت الهجرة فى صدر الإسلام لأسباب ثلاثة تتعلق بحال الفرد وحال الجماعة:

١) البعد عن الاضطهاد فى أمور الدين بإقامة شعائره بحيث يكون المسلم حرا فى تصرفه كما يعتقد، فكل شخص يظن أنه ربما يفتن عن دينه أو يكون ممنوعا من إقامته، يجب عليه أن يهاجر منه إلى مكان لا خطر فيه على نفسه ولا على دينه، فإن لم يفعل ذلك فقد ارتكب إثما كبيرا، وحمل وزرا عظيما.

٢) تلقى الدين والنفقة فيه، وقد كان ذلك فى عصر النبي صلى الله عليه وسلم حين كان إرسال الدعاة والمرشدين من قبله متعذرا لتصدى المشركين لهم وحرمانهم من أداء وظائفهم لما لهم من القوة والبطش، وهذا الحكم فى كل من يقيم ببلد ليس فيه علماء يقيمون أحكام الدين، عليه أن يهاجر إلى بلد يتلقى فيه أمور دينه وأحكام شريعته.

٣) أنه يجب على جماعة المسلمين أن تكون لهم دولة قوية تنشر دعوة الإسلام وتقيم أحكامه وحدوده وتحمى دعاته وأهله من عدوان العادين، فإذا خيف على هذه الدولة من غارة الأعداء وجب على المسلمين أينما كانوا أن يشدوا أزرها حتى تقوى وتقوم بما يجب عليها، مهما بعدت دارهم وشط مزارهم، وإلا كانوا راضين بضعفها ومعينين لأعداء الإسلام على إبطال الدعوة وتشريد الدعاة.

وقد كانت هذه الأسباب موفورة قبل فتح مكة، فلما يسرّ الله فتحها وقوى

<<  <  ج: ص:  >  >>