للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المعنى الجملي]

بعد أن ذكر فيما سلف أن العبد لا يترك فى الدنيا سدى، وأن من ترك ما كلف به عذّب- أردف ذلك بيان أن من يعترف بالآخرة ويعمل لها لا يضيّع الله عمله ولا يخيّب أمله، ثم ذكر أن طلب ذلك من المكلف ليس لنفع يعود إلى الله تعالى فهو غنىّ عن الناس جميعا، ثم أرشد إلى أن جزاء العمل الصالح تكفير السيئات، ومضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها فضلا منه ورحمة.

[الإيضاح]

(مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي من كان يطمع فى ثواب الله يوم لقائه فليبادر إلى فعل ما ينفعه، وعمل ما يوصله إلى مرضاته، ويجتنب ما يبعد من سخطه، فإن أجل الله الذي أجّله لبعث خلقه للجزاء لآت لا محالة، والله هو السميع لأقوال عباده، العليم بعقائدهم وأعمالهم، ويجازى كلا بما هو أهل له، وفى هذا تنبيه إلى تحقق حصول المرجوّ والمخوف وعدا ووعيدا.

ثم بين سبحانه أن التكليف بجهاد النفس وجهاد الحرب ليس لنفع يعود إليه، بل لفائدة المكلف فقال:

(وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ، إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) أي ومن بذل جهده فى جهاد عدو أو حرب نفس فإنما يجاهد لنفع نفسه، لأنه إنما يفعل ذلك ابتغاء الثواب من الله على جهاده، وهربا من عقابه، وليس بالله إلى فعله حاجة، فهو غنى عن جميع خلقه، له الملك وله الأمر يفعل ما يشاء.

ونحو الآية: «مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ» وقوله: «إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ» .

ثم بين بالتفصيل جزاء المطيع فقال:

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>