ثم بين أن الفراق قد يكون فيه الخير إذا لم يمكن الوفاق فقال:
(وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ) أي وإن يتفرق الزوجان اللذان يخافان ألا يقيما حدود الله، بأن كره الرجل امرأته لدمامتها أو كبرها وأراد أن يتزوج غيرها أو كان عنده زوجان ولم يقدر على العدل بينهما- يغن الله كلا منهما عن صاحبه بسعة فضله ووافر إحسانه وجوده، فقد يسخّر للمرأة رجلا خيرا منه، كما يهيىء له امرأة أخرى تحصنه وترضيه وتقوم بشؤون بيته وأولاده، ولن يكون كل منهما جديرا بعناية الله وإغنائه عن الآخر، إلا إذا التزما حدود الله، بأن اجتهدا فى الوفاق والصلح وظهر لهما بعد التفكير والتروّى فى الأسباب أنه غير مستطاع، فافترقا وهما حافظان لكرامتهما عما يجعلهما عرضة للنقد ونهش العرض، فإن ذلك مما يرغب الناس فيهما، لما يرونه فيهما من الأخلاق الفاضلة وعدم التلاحي والتنابذ والتهاجى واختلاق الأكاذيب، فالرجل ذو الخلق الكريم إذا علم أن امرأة اختلفت مع بعلها لأنها لم تقبل أن تعيش مع من يعرض عنها أو يترفع عليها بل أحبت أن تعيش معه بطريق عادلة- رأى فيها أفضل صفات الزوجية.
وكذلك كرائم النساء وأولياؤهن يرغبون فى الرجل إذا علموا أنه يمسك المرأة بمعروف أو يسرحها بإحسان ولا يلجئه إلى الطلاق إلا الخوف من عدم إقامة حدود الله.
(وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً) أي وكان الله ولا يزال واسع الفضل والرحمة، حكيما فيما شرعه من الأحكام التي جعلها وفق مصالح العباد.