حكم الله سبحانه بالفلاح لمن كان جامعا لخصال سبع من خصال الخير:
(١) الإيمان (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) أي فاز وسعد المصدّقون بالله ورسله واليوم الآخر.
(٢) الخشوع فى الصلاة (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) أي الذين هم مخبتون لله أذلاء منقادون له خائفون من عذابه،
روى الحاكم أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يصلى رافعا بصره إلى السماء، فلما نزلت هذه الآية رمى ببصره إلى نحو مسجده
أي موضع سجوده، والخشوع واجب على المرء فى الصلاة لوجوه:
(١) للتدبر فيما يقرأ كما قال: «أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها» والتدبر لا يكون بدون الوقوف على المعنى كما قال: «وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا» أي لتقف على عجائب أسراره وبديع حكمه وأحكامه.
(ب) لتذكر الله والخوف من وعيده كما قال: «أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي» .
(ج) إن المصلى يناجى ربه، والكلام مع الغفلة ليس بمناجاة البتة، ومن ثم قالوا: صلاة بلا خشوع جسد بلا روح، وجمهور العلماء على أن الخشوع ليس شرطا للخروج من عهدة التكليف وأداء الواجب، وإنما هو شرط لحصول الثواب عند الله وبلوغ رضوانه.
(٣) الإعراض عن اللغو (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) أي والذين يعرضون عن كل ما لا يعنيهم، وعن كل كلام ساقط حقّه أن يلغى كالكذب والهزل والسب، إذ لهؤلاء من الجدّ ما يشغلهم، فهم فى صلاتهم معرضون عن كل شى إلا عن خالقهم، وفى خارجها معرضون عن كل ما لا فائدة فيه، فهم متجهون للجد وصالح العمل، فهم قد استفادوا من خشوع الصلاة درسا انتفعوا منه بعدها، وتخلقوا بأخلاق للنبيين والصديقين.