(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) أي أطيعوا الله ورسوله فى الإجابة إلى الجهاد وترك المال إذا أمر الله بتركه، ولا تعرضوا عن طاعته، وعن قبول قوله، وعن معونته فى الجهاد، وأنتم تسمعون كلامه الداعي إلى وجوب طاعته وموالاته ونصره، ولا شك أن المراد بالسماع هنا سماع الفهم والتصديق بما يسمع، كما هو شأن المؤمنين الذين من دأبهم أن يقولوا «سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ» .
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) وهؤلاء القائلون فريقان: فريق الكفار المعاندين، وفريق المنافقين الذين قال فى بعض منهم «وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً؟» .
وهى كل مادبّ على الأرض كما قال «وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ» وقلّ أن يستعمل فى الإنسان بل الغالب أن يستعمل فى الحشرات ودواب الركوب، فإذا استعمل فيه كان ذلك فى موضع الاحتقار، أي إن شر مادب على الأرض فى حكم الله وقضائه هم الصم الذين لا يصغون بأسماعهم ليعرفوا الحق ويعتبروا بالموعظة الحسنة، فهم بفقدهم لمنفعة السمع كانوا كأنهم فقدوا حاسته، البكم الذين لا يقولون الحق، ومن ثم كانوا كأنهم فقدوا النطق الذين لا يعقلون الفرق بين الحق والباطل والخير والشر إذ هم لو عقلوا لطلبوه واهتدوا إلى ما فيه المنفعة والفائدة لهم كما قال «إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ» .
والخلاصة- إنهم حين فقدوا منفعة السمع والنطق والعقل كانوا كأنهم فقدوا هذه المشاعر والقوى، بأن خلقوا خداجا ناقصى هذه المشاعر، أو طرأت عليهم آفات