هى مكية إلا الآيات ٢٨، ٢٩، ٣٠ فمدنية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة قال له أحبار اليهود: بلغنا أنك تقول: «وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» أعنيتنا أم قومك؟ قال: كلّا عنيت، فقالوا: إنك تعلم أننا أوتينا التوراة وفيها بيان كل شىء، فقال عليه الصلاة والسلام ذلك فى علم الله قليل، فأنزل الله هؤلاء الآيات.
وآيها أربع وثلاثون، نزلت بعد الصافات.
وسبب نزولها أن قريشا سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قصة لقمان مع ابنه وعن برّه والديه، فنزلت.
ومناسبتها لما قبلها من وجوه:
(١) إنه تعالى قال فى السورة السالفة: «وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ» وأشار إلى ذلك فى مفتتح هذه السورة.
(٢) إنه قال فى آخر ما قبلها: «وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ» وقال فى هذه: «وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً» .
(٣) إنه قال فى السورة السابقة: «وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ» وقال هنا: «ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ» ، ففى كلتيهما إفادة سهولة البعث.
(٤) إنه ذكر هناك قوله: «وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ» ، وقال هنا:«وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ» فذكر فى كل من الآيتين قسما لم يذكره فى الآخر.