ويكون فى الخير كابتغاء رضوان الله وهو غاية الكمال، وفى الشر كابتغاء الفتنة وهو غاية الضلال، والنفق: السرب فى الأرض، وهو حفرة نافذة لها مدخل ومخرج، والسلم: المرقاة من السلامة، لأنه الذي يسلمك إلى مصعدك، وتذكيره أفصح من تأنيثه، والآية: المعجزة، والجهل هنا: ضد العلم، وليس كل جهل عيبا، لأن المخلوق لا يحيط بكل شىء علما، وإنما يذم الإنسان بجهل ما يجب عليه علمه، ثم بجهل ما ينبغى له ويعدّ كمالا فى حقه إذا لم يكن معذورا فى جهله.
[المعنى الجملي]
نزلت هذه السورة فى دعوة مشركى مكة إلى الإسلام ومحاجتهم فى التوحيد والنبوة والبعث، وكثر فيها حكاية أقوالهم بلفظ (وَقالُوا- وَقالُوا) نحو: «وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ- وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا» إلى نحو ذلك- وتلقين الرسول صلى الله عليه وسلم الرد عليهم مع إقامة الحجة والبرهان بلفظ (قُلْ- قُلْ) نحو:
بعد هذا الحجاج كله ذكر فى هذه الآيات تأثير كفرهم فى نفس النبي صلى الله عليه وسلم وحزنه مما يقولون فى نبوته وما يراه منهم من الإعراض عن دعوته، وسلاه على ذلك ببيان سنته سبحانه فى الرسل مع أقوامهم وأن كثيرا منهم كذبوا فصبروا حتى جاءهم النصر المبين، وخذل الله أعداءهم الكافرين.
روى ابن جرير عن السدّى أن الأخنس بن شريق وأبا جهل التقيا، فقال الأخنس لأبى جهل: يا أبا الحكم أخبرنى عن محمد: أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هاهنا أحد يسمع كلامك غيرى، قال أبو جهل: والله إن محمدا لصادق وما كذب قط، ولكن إذا ذهب بنو قصىّ باللواء والسقاية والحجابة والنّدوة والنبوة فماذا يكون لسائر قريش؟ فأنزل الله هذه الآية.