أخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي فى الدلائل «أن المشركين أخذوا عمّار ابن ياسر فلم يتركوه حتى سبّ النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، فلما أتى رسول الله قال له ما وراءك؟ قال شر ما تركت، نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قال كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان، قال إن عادوا فعد فنزلت: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ» ،
وروى «أن قريشا أكرهوا عمارا وأبويه ياسرا وسميّة على الارتداد فأبوا، فربطوا سمية بين بعيرين ووجئت بحربة فى موضع عفتها وقالوا إنما أسلمت من أجل الرجال فقتلوها وقتلوا ياسرا وهما أول قتيلين فى الإسلام، وأما عمار فأعطاهم بلسانه ما أكرهوه عليه، فقيل يا رسول الله إن عمارا كفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: كلا إن عمارا ملىء إيمانا من قرنه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه، فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يبكى فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلّم يمسح عينيه وقال: مالك؟ إن عادوا فعد لهم بما قلت» .
[الإيضاح]
(مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) أي إن من كفر بالله بعد الإيمان والتبصر فعليه غضب من الله إلا إذا أكره على ذلك وقلبه ملىء بالإيمان بالله والتصديق برسوله، فلا تثريب عليه كما فعل عمار بن ياسر.
(وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) أي ولكن غضب الله وشديد عقابه لمن طابت أنفسهم بالكفر، واعتقدوه طائعين مختارين، لعظيم جرمهم، وكبير إثمهم.
ثم بين سبب هذا الغضب فقال:
(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) أي ذلك الغضب من الله، والعذاب العظيم من أجل أنهم آثروا الحياة الدنيا وزينتها على نعيم الآخرة.
(وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) أي وأن الله لا يوفق من يجحد آياته