ويصرّ على إنكارها، لأنه قد فقد الاستعداد لسبل الخير بما زينت له نفسه، وسولت له، من عظيم الجرم وكبير الإثم، فأصبح قلبه مليئا بما يشغله عن دواعى الإيمان، بما يمليه عليه الشيطان.
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) أي أولئك الذين اتصفوا بما تقدم ذكره- هم الذين طبع الله على قلوبهم، فلا يؤمنون ولا يهتدون، وأصم أسماعهم فلا يسمعون داعى الله إلى الهدى، وأعمى أبصارهم فلا يبصرون بها حجج الله إبصار معتبر متعظ، وأولئك هم الساهون عما أعدّ لأمثالهم من أهل الكفر، وقد تقدم ذكر (الطبع) فى آي كثيرة.
(لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) أي حقا إنهم فى الآخرة هم الهالكون الذين غبنوا أنفسهم حظوظها، وصرفوا أعمارهم فيما لا يفضى بهم إلا إلى العذاب المخلّد ولله در من قال:
إذا كان رأس المال عمرك فاحترس ... عليه من الإنفاق فى غير واجب
فما المرء فى هذه الحياة إلا كالتاجر، يشتر بطاعة ربه سعادة الآخرة، فإذا لم يفعل من ذلك شيئا خسرت تجارته، وعاد ذلك عليه بالوبال والنكال فى جهنم وبئس القرار.
وقد حكم الله على هؤلاء الكافرين بستة أشياء:
(١) إنهم استوجبوا غضب الله.
(٢) إنهم استحقوا عقابه العظيم.
(٣) إنهم استحبوا الحياة الدنيا.
(٤) إن الله حرمهم من الهداية للطريق القويم.
(٥) إنه طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم.
(٦) إنه جعلهم سبحانه من الغافلين.
قال مجاهد: أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأبو بكر وخبّاب وصهيب وبلال وعمار وسمية.