(كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي ومثل هذا التفصيل البديع بضرب الأمثال الكاشفة للمعانى، المقربة لها إلى العقول، إذ تنقل المعقول إلى المحسوس التي هى به ألصق، ولإداركه أقرب- نفصل حججنا وآياتنا لقوم يستعملون عقولهم فى تدبر الأمثال، واستخراج مغازيها ومراميها للوصول إلى الأغراض التي لأجلها ضربت، ولمثلها استعملت، فيستبين الرشد من الغى، والحق من الباطل، ولأمرمّا كثرت الأمثال فى جلاء الحقائق، وإيضاح ما أشكل منها على الناظرين.
ثم بين أن المشركين إنما عبدوا غيره، سفها من أنفسهم وجهلا، لا ببرهان قد لاح لهم فقال:
(بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي ولكن الذين ظلموا أنفسهم فكفروا بالله، اتبعوا أهواءهم جهلا منهم لحق الله عليهم، فأشركوا الآلهة والأوثان فى عبادته، ولو قلّبوا وجوه الرأى، واستعملوا الفكر والتدبر لربما ردّهم ذلك إلى معرفة الحق، ووصلوا إلى سبيل الرشد، ولكن أنّى لهم ذلك؟
(فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ؟) أي فمن يهدى من خلق الله فيه الضلال، وجعله كاسباله باختياره، لسوء استعداده وميله بالفطرة إليه، وعلم الله فيه ذلك؟
(وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أي وليس لهم ناصر ينقذهم من بأس الله وشديد انتقامه إذا حل بهم، لأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.