سبب هذه البيعة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا خراش بن أمية الخزاعي حين نزل الحديبية، فبعثه إلى قريش بمكة ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له، فعقروا جمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأرادوا قتله، فمنعه الأحابيش (واحدهم أحبوش، وهو الفوج من قبائل شتى) فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره، فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عمر بن الخطاب رضى الله عنه ليبعثه، فقال إنى أخافهم على نفسى، لما أعرف من عداوتى إياهم وما بمكة عدوىّ (قبيلته بنو عدى) ولكنى أدلّك على رجل هو أعز بها منى وأحب إليهم- عثمان بن عفان، فبعثه إلى أبى سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب، وإنما جاء زائرا لهذا البيت معظما لحرمته، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة فجعله فى جواره حتى فرغ من رسالته لعظماء قريش، ثم احتبسوه عندهم، فشاع بين المسلمين أن عثمان قد قتل،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نبرح حتى نناجز القوم،
ودعا الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، وبايعه القوم على ألا يفرّوا أبدا إلا جدّ بن قيس الأنصاري، فأرعب ذلك المشركين وأرسلوا داعين إلى الموادعة والصلح، وكان قد أتى رسول الله أن الذي بلغه من أمر عثمان كذب، فتمّ الصلح ومشى بعضهم إلى بعض على أن يحج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى العام القابل ويدخل مكة.
روى البخاري من حديث قتادة قلت لسعيد بن المسيّب: كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان؟ قال خمس عشرة مائة، والمشهور الذي رواه غير واحد أنهم كانوا أربع عشرة مائة.