للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيضاح]

(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) أي أفلم يسر هؤلاء المجادلون في آيات الله من مشركى قريش- فى البلاد، فإنهم أهل سفر إلى الشام واليمن، فينظروا فيما وطئوا من البلاد- إلى ما حل بالأمم قبلهم، ويشاهدوا ما أحللنا بهم من بأسنا حين تكذيبهم رسلنا، وجحودهم بآياتنا، وكيف كانت عاقبة أمرهم، وقد كانوا أكثر منهم عددا، وأشد بطشا، وأقوى جندا، وأبقى في الأرض أثرا، لأنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتا، ويتخذون مصانع، ويبنون أهراما ضخمة، فلما جاءهم بأسنا، وحلت بهم نقمتنا لم يغن ذلك عنهم شيئا، ولا رد عنهم العذاب الذي حل بهم.

(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي فلما جاء هذه الأمم المكذبة للرسل من أرسلوا إليهم بالأدلة الواضحة، والبراهين الظاهرة، فرحوا بما عندهم من شبهات ظنوها علما نافعا كقولهم:

«وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ» وقولهم: «لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا» وقولهم:

(مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ؟» ولكن حل بهم ما كانوا يستعجلون به رسلهم استهزاء وسخرية.

وقد سمى ما عندهم من العقائد الزائفة، وشبههم الدّاحضة علما، تهكما واستهزاء بهم.

ثم ذكر حالهم حين عاينوا العذاب فقال:

(فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) أي فلما عاينوا عذابنا النازل بهم قالوا آمنا بالله، وكفرنا بتلك المعبودات الباطلة، والآلهة الزائفة، التي لا تجدى فتيلا ولا قطميرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>